ما هو التنويم المغناطيسي؟
التنويم المغناطيسي هو وسيلة للتواصل مع العالم الداخلي للإنسان. والغرض منه هو التعرف على العالم الداخلي للإنسان والعثور فيه على العوامل التي تؤثر عليه سلباً. هذه الطريقة فعالة وسريعة لتخطي المعيقات والدفاعات الطبيعية التي تتسبب انغلاق الشخص وتعيق تقدمه. خلال التنويم المغناطيسي، وبعد تخطي هذه الدفاعات، يصبح بالإمكان غرس أفكار إيجابية وصحية في عقل هذا الشخص.
التنويم المغناطيسي هو حالة مختلفة من حالات الوعي – وهي حالة يكون فيها الشخص أكثر انتباهاً، وشعوراً بعالمه الداخلي، وأقل تأثراً بالبيئة الخارجية، والتفكير العقلاني العادي. إنها حالة من الوعي يكون فيها التركيز عالياً جدًا، ويوجه فيها الشخص هذا التركيز إلى عقله الباطن حتى يتمكن من استخدام قدراته الداخلية وإحداث تغيير جسدي أو عقلي في نفسه.
في نهاية الأمر التنويم المغناطيسي هو علاج ذاتي، أي أن المعالج ليس هو من يعالج المريض، بل المريض هو من يستخدم كلمات المعالج، في ذلك الموقف، لنقل نفسه إلى حالة مختلفة من الوعي.
في بعض الأحيان نحن لا نستجيب للواقع بل لأمر يحدث في الدماغ. مثلاً، يخشى بعض الناس استخدام المصاعد لدرجة أنهم على استعداد لتفويت مقابلة عمل إذا كانت في الطابق العشرين. إذا طلبنا من مثل هذا الشخص أن يستخدم المصعد، فسيبدو الأمر بالنسبة له كما لو أنك ترسله إلى المقصلة. فما يمر في ذهن هذا الشخص هو سيناريو يرى فيه نفسه محبوسًا في الداخل ومختنقًا. وهو سيناريو ليس له أساس في الواقع، لكنه مرسخ في أعماقه. وهو متجذر بقوة لدرجة أنه يولد أيضًا شعورًا جسديًا بالارتباك وضيق التنفس ويحفز الشخص نفسياً حتى يشعر بالذعر والعجز والقلق. بالنسبة لعقله، لا يوجد فرق بين السيناريو الذي يتخيله وبين حدث حقيقي وقع فعلاً، فبالنسبة له كلاهما يتركان نفس الأثر.
هذا في الأساس نوع من التنويم المغناطيسي الذاتي - أنا أفكر فقط في أمر ما والأفكار هي ما يحركني. يمكن استخدام هذه الأفكار بنفس الطريقة لتحفيز عملية وقائية إيجابية. وتنشيط استجابة جسدية جيدة، والتحرر نفسياً.
كيف يتم الأمر؟
الأمر في الحقيقة ليس كما تعتقده أو تشاهده في الأفلام - يلوح المنوم المغناطيسي بساعة أو بندول وفي بضع دقائق تغفو وتخضع له. التنويم المغناطيسي ليس حالة من النوم أو اللاوعي، إذ لا يشعر المريض فيها بالانفصال أو فقدان السيطرة ، بل على العكس – فهو يكون شريكاً نشطاً يدرك ويشعر بكل ما يحدث.
تسمى أداة التنويم بالإيحاء، وهي عملية نفسية يمكن من خلالها بالتعاون مع المريض تغيير المواقف أو السيناريوهات الداخلية التي تجعل حياته صعبة.
يتم إنشاء حالة التنويم من خلال عملية تسمى الحث (غمر التنويم المغناطيسي). هناك العديد من الطرق لتحقيقها، ولكن معظمها يستخدم تقنيات الاسترخاء أو توجيه التفكير أو حث الشعور بتجارب ممتعة. الهدف هو بث الهدوء والصفاء والشعور بالسكينة لدى المريض. أسلوب الحث الأكثر شيوعاً هو أن تطلب من المريض أن يتذكر مكانًا لطيفًا. لماذا؟ لأنه من الصعب أن تكون في مكان تحبه وتستمر بالشعور بالقلق.
يساعد الايحاء على فصل المريض عن يقظته الطبيعية والدخول إلى عقله الداخلي. تساعد حركات العين من جانب إلى آخر كثيرًا على التركيز والاسترخاء، لذلك اعتادوا على استخدام الساعات أو البندول في الماضي.
بمجرد أن يهدأ المريض، يتم الاستيضاح منه حول سيناريوهاته الداخلية. على سبيل المثال، قد يقول الشخص الذي يخاف من المصاعد أنه يدخل المصعد ويشعر بالاختناق. بعض هذه السيناريوهات واضحة، لكن بعضها الآخر تكون غير مدركة، ولا نعرف حتى السبب الحقيقي للخوف الذي تسببه، وما الذي يحفزها في داخلنا. لذلك، فإن مجرد التعرف على ما يحفزها يمكنه في كثير من الأحيان أن يحل المشكلة بالفعل.
في عملية الإيحاء، يحاول المعالج نقل رسائل تقوض السيناريو السلبي لدى المريض. ويقدم اقتراحاً للتغيير يختبره المريض شعورياً أو عبر الإدراك أو الأفكار أو السلوك. على سبيل المثال، يتم إنشاء سيناريو إيجابي لصعود عادي ومريح في المصعد لدى المريض الذي يخشى المصاعد. يفضل العقل الباطن دائمًا النص الأكثر إرضاء له. وإذا لم يكن أمام العقل الباطن سيناريوهات أخرى من قبل، وكان أمامها سيناريو واحد فقط، فإننا نقوم بهذا يتوفير مزيد من الخيارات أمام العقل الباطن.
هل العملية مؤلمة؟
ليس جسديا. لكن الدماغ لا يحب التغيير، لذلك في بعض الأحيان لا يرغب المريض في البداية برؤية السيناريو الجيد. حتى عند الوصول إلى جذور المشكلة في اللاوعي، لا يكون الأمر لطيفاً دائماً، على الرغم من أن ذلك يكون مفيد جداً.
ما هي المدة التي يستغرقها العلاج؟
تستغرق الجلسة العلاجية عادة 45 دقيقة. عادة ما تكون سلسلة العلاجات قصيرة نسبيًا، حتى 12 جلسة. من المهم التأكيد على أن تعاون المريض شرط أساسي. يجب أن يرغب المريض في التغيير - إذا لم يكن لديه الدافع، فلن يفيده التنويم المغناطيسي. عندما يتعلق الأمر بشكوى واحدة، يكون العلاج أقصر. في حالات التوتر، كلما حصلت على العلاج بشكل أسرع، كلما انتهيت منه بشكل أسرع.
ما هي المعلومات التي يجب أن نقدمها للمعالج في الجلسة الأولى؟
أخبر المعالج عن سبب التوجه للحصول على العلاج، وتاريخك الطبي، والطرق التي نجحت أو لم تنجح في الماضي، والأدوية التي حصلت عليها وتأثيرها، والعلاجات النفسية التي خضعت لها. أخبره أيضًا عن المشاعر التي تسيطر عليك وكيف تشعر حيال الخوف من فقدان السيطرة.
ما هي الحالات الصحية التي يمكن أن تساعد فيها هذه الطريقة؟
من المفيد استخدام التنويم المغناطيسي في أي حالة يكون هناك فيها ما يزعج الشخص في عالمه الداخلي، سواء كان ذلك شعوراً بالألم أو مشكلة نفسية جسدية، أو توتر أو ضغط: قلق، قرحة المعدة، متلازمة القولون العصبي، ارتفاع ضغط الدم، الاضطرابات النسائية، مشاكل الخصوبة، اضطرابات النوم ، حالات الرهاب، الألم لأسباب نفسية (عندما لا يتوفر تفسير طبي للألم). قد يساعد التنويم المغناطيسي أيضًا في المساعدة على الإقلاع عن التدخين.
متى أتوقع أن تتحسن حالتي؟
بعض الناس يستجيبون بسرعة ولا يحتاجون لأكثر من جلسة علاج أو اثنتين، والبعض يحتاج لأكثر من ذلك.
هل العلاج مناسب للأطفال؟
العلاج مناسب للأطفال في سن المدرسة والذين تكون لديهم بالفعل أفكار مجردة، وبشرط أن يكونوا مستعدين للتعاون.
من الذين لا يناسبهم العلاج؟
العلاج غير مناسب للأشخاص الذين يعانون من مرض نفسي حاد أو تخلف أو توحد. الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، أو العنيفين أو الذين يميلون للانتحار لا يمكنهم أيضاً الاستفادة من العلاج. لن يساعد التنويم المغناطيسي في أي حالة توجد فيها مشكلة في الدماغ تضعف التفكير المجرد.
هل يمكن أن تكون للعلاج أية آثار جانبية؟
في بعض الأحيان، حتى بعد أيام قليلة من العلاج، يستمر الدماغ في العمل، واسترجاع الأفكار أو الصور. وهي في الواقع ظاهرة إيجابية تعزز العلاج. في المقابل، لا يستجيب بعض الأشخاص لطريقة العلاج هذه.
دكتور ايتاي شتسكر هو طبيب عام ومعالج مؤهل في التنويم المغناطيسي في شبكة عيادات كلاليت للطب التكميلي.