إذا ما هي الإنفلونزا وما هي أعراضها؟
الإنفلونزا هي مرض يسببه فيروس الإنفلونزا (بالإنجليزيّة: Influenza Virus). يظهر المرض على شكل ارتفاع في درجة الحرارة، ألم في العضلات، صداع، سعال، زكام، ضعف وشعور عام بالضيق. تكون أعراضها أكثر حدة من أعراض نزلات البرد العاديّة، وقد تكون مصحوبة بألم في الحلق، التهاب لحميّة العينين وانتفاخ الغدد الليمفاويّة في الرقبة. تختفي غالبيّة الأعراض في غضون أسبوع.
مرض له تاريخه الإنفلونزا هي جزء لا يتجزأ من الشتاء، وهي مصاحبة لنا منذ فجر التاريخ تقريبا. منذ القرن الرابع قبل الميلاد كتب أبو الطب أبيقراط حول جائحة أنفلونزا. كانت هذه الجائحة الأولى الموثّقة لهذا المرض الشائع. التوثيق الذي تم العثور عليه بعد ذلك كان من عام 1781، حينها تسببت الجائحة في وفاة العديد من كبار السن في روسيا نتيجة الوباء الذي بدأ في آسيا. منذ ذلك الوقت كانت هناك توثيقات لجائحات أدت إلى وفاة الكثيرين، لكن الجائحة الأسوأ كانت الجائحة الرهيبة التي بدأت في نهاية الحرب العالميّة الأولى والتي أطلق عليها اسم "الإنفلونزا الأسبانيّة" لا تزال في الذاكرة بشكل خاص، فقد توفي خلال العامين 1918-1919 نحو 50 مليون شخص نتيجة الوباء. للمقارنة: العدد الإجمالي لعدد القتلى في الحرب العالميّة الأولى وصل إلى نحو 16 مليون. ظهرت بعد الإنفلونزا الأسبانيّة جائحات أخرى، وقد حصل بعضها على أسماء فريدة مثل الإنفلونزا الآسيويّة (1957)، إنفلونزا هونغ كونغ (1967) وأنفلونزا الخنازير (2009). |
ما الفرق بين الإنفلونزا ونزلة البرد؟
المسبب لنزلات البرد هي عدة فيروسات تختلف عن فيروس الإنفلونزا، وتختلف كذلك أعراضها. بشكل عام، تعتبر نزلة البرد مرضا أخف من الإنفلونزا ويكون الشعور بالضيق أقل من الإنفلونزا. تظهر نزلة البرد بشكل رئيسي على شكل زكام مصحوب أحيانا بسعال. في أغلب الحالات لا تكون نزلة البرد خطيرة مثل الإنفلونزا، ولا تطول مثل الإنفلونزا، وبشكل عام لا تكون درجة الحرارة في حالة نزلة البرد مرتفعة مثل الإنفلونزا.
هل من الممكن أن تكون الإنفلونزا خطيرة؟
في بعض الأحيان يتم التعامل مع الإنفلونزا كمرض مزعج لكنه غير خطير – لكن هذا خطأ. قد تكون تكون الإنفلونزا خطيرة على عامة السكان، ويُوصى الأشخاص المعرّضين للإصابة بخطر مضاعفات المرض بشكل خاص بأخذ التطعيم، كما سنوضح لاحقا.
هذه هي المضاعفات الرئيسيّة للإنفلونزا: التهاب رئويّ، التهاب الأذنين والتهاب الجيوب الانفيّة. من المضاعفات نادرة الحدوث التهاب الدماغ، تفاقم حالات أمراض الرئة المزمنة الموجودة، التهاب عضلة القلب ومتلازمة غيليان باري. في بعض الحالات الخطيرة قد يؤدي المرض إلى إنهيار الأجهزة والوفاة.
تفيد تقارير منظمة الصحّة العالميّة أنّ أعداد الوفيات كل عام بسبب الإنفلونزا تتراوح بين 290 ألف إلى 650 ألف شخص ونحو 3 مليون إلى إلى 5 يعانون من مضاعفات المرض.
تفيد التقارير في الولايات المتحدة لوحدها، عن حوالي 600 ألف حالة تحتاج العلاج في المستشفى ونحو 45 ألف حالة وفيات بسبب الإنفلونزا كل موسم أنفلونزا.
على من تشكّل خطرا بشكل خاص؟
يمكن لأيّ شخص لديه ضعف في الجهاز المناعيّ أن يعاني من مضاعفات الإنفلونزا وقد يحتاج حتى إلى دخول المستشفى للعلاج: الأطفال، كبار السن، المرضى الذين يعانون من تثبيط في الجهاز المناعيّ بسبب أمراض سرطانيّة أو بسبب علاجات مثبّطة للجهاز المناعيّ، الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة (على سبيل المثال قصور القلب، الفشل الكلويّ، مرض رئويّ مزمن)، النساء الحوامل، الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة.
سيرد توضيح لهذا في الفقرة المخصّصة للتوصيات على التطعيم ضد الإنفلونزا.
ماذا تعني إنفلونزا أثناء الحمل؟
من المحتمل أن تعاني النساء الحوامل من أعراض إنفلونزا أكثر صعوبة بالمقارنة مع نساء غير حوامل.
تجعل التغييرات التي تحدث في جسم المرأة خلال الحمل، سواء في الجهاز المناعي أو جهاز القلب- رئة (مثل زيادة استهلاك الأكسجين ومعدل ضربات القلب) أكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا – الأمر الذي يزيد من خطر دخولها المستشفى للعلاج في قسم العناية المكثّفة. هذا التدهور له بالطبع تداعياته السلبيّة على المولود قد تصل إلى حد الولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود.
يظهر من الدراسات أن إعطاء التطعيم للنساء الحوامل يوفّر حماية لكلٍ من الأم والمولود. علينا أن نضع في الاعتبار أنّه لا يمكن إعطاء التطعيم للرضّع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر، وقد تنقل الأم غير المطعّمة عدوى الإنفلونزا إلى طفلها.
بمناسبة اقتراب موسم الإنفلونزا توصي وزارة الصحّة والمنظمات الصحيّة الأخرى حول العالم بتطعيم كلٍ من النساء الحوامل والنساء الوالدات (حتى ثلاثة أشهر بعد الولادة).
لماذا تعود وتضرب الأنفلونزا في كل شتاء؟
على عكس الأمراض الفيروسية الأخرى مثل الحصبة وجدري الماء، التي يمرض الإنسان بهم مرة واحدة في الحياة (إذا تم التعرض لهم)، هناك قدرة كبيرة لفيروس الأنفلونزا على تغيير صفاته الوراثية (الجينيّة) في كل سنة. وبذلك يتهرّب الفيروس من الأجسام المضادة التابعة لجهاز المناعة عندنا، التي كانت قد طُوّرت ضده في السنة الفائتة. ونتيجة لذلك، ففي كل سنة يتطوّر التطعيم ضد الأنفلونزا لكي يكون مخصّصًا لنوع الأنفلونزا في هذا الشتاء.
هنالك ميّزة خاصّة أخرى لفيروس الأنفلونزا: بعض النظر عن التغييرات الوراثية الصغيرة التي يفعلها الفيروس في كل سنة، فهنالك تغيير جذري الذي يفعله مرة كل بضعة عقود – وبه ينجح الفيروس بتغيير الكثير من ميّزاته الوراثية ليصبح مختلفًا كُليًّا مما كان عليه في السابق. وهذا التغيير الكبير يتغلّب على المناعة التي تراكمت على مرّ السنين جرّاء التطعيمات والعُرضة السابقة للفيروس. هذا الأمر يجعل من الفيروس جائحة عالميّة (Pandemia).
هل من الممكن الإصابة بالأنفلونزا في الصيف؟
غالبًا ما تكون الأنفلونزا في أشهر الشتاء، وذلك يفصل نص الكرة الأرضية العلوي عن السفلي. فعلى سبيل المثال أشهر الشتاء في أستراليا تسبق بنصف سنة أشهر الشتاء في البلاد، وبذلك الأنفلونزا تسبق بنصف سنة في أستراليا مقارنةً بالبلاد. في المناخ الاستوائي هنالك احتمال لوجود الأنفلونزا طيلة أيام السنة. في بعض الأحيان، حين ظهور سلسلة جديدة من الأنفلونزا هنالك استثناء لهذه القاعدة، مثل حدث ظهور أنفلونزا الخنازير في شهر آذار 2009 حتى تزامنه مع الفصول المعتادة.
لماذا تعتبر الإنفلونزا مرضا معديا جدا؟
يمكن للفيروسات المسببة للمرض أن تنتقل بسهولة في الهواء على شكل رذاذ صغير جدا، وبالتالي فإنّ العطاس، السعال وملامسة اليد (التي لامست قبل ذلك الأنف، الوجه أو شخص مريض) يمكن أن تنقل الفيروسات من شخص لآخر.
في فصل الشتاء عندما يتجمع الأشخاص في أماكن مغلقة سواء في المواصلات العامة، الجامعات، المدارس والأماكن العامة المغلقة، يكون من السهل جدا على الفيروس الانتقال من شخص لآخر. تكون الإنفلونزا معدية بدءا من يوم أو يومين قبل ظهور المرض وحتى ثلاثة إلى خمسة أيام بعد ظهور الأعراض.
لحظة، هل يمكن لشخص سليم أن ينقل عدوى المرض للآخرين؟
نعم، لأنّ هناك انتشار للفيروسات قبل يوم أو يومين من ظهور الأعراض.
هل هنالك طريقة لمنع حدوث العدوى؟
الطريقة الأكثر نجاعة للوقاية من المرض ومنع حدوث الأضرار والتابعيات هي بواسطة التطعيم ضد الأنفلونزا.
ومفضل دائما تهوية البيت قدر المستطاع في كل يوم، ومفضل ألا نقترب كثيرًا من مريض يسعل أو يعطس. لمنع حدوث العدوى، يجب الالتزام بالصحة والنظافة الشخصية باستخدام مواد التنظيف وهلام الكحول.
ماذا عن ارتداء الكمامة – هل يساعد الأمر ضد الأنفلونزا؟
بالطبع، كما وُضّح في السابق، هنالك تقدير أن الأنفلونزا قد اختفت أثناء الموجة الأولى من الكورونا – وجزء من هذا التقدير يرجع لارتداء الكمامات والحفاظ على توصيات الصحة والنظافة والتباعد الاجتماعي، والتي كانت قد اتُّبعت جرّاء جائحة الكورونا.
أعاني من الإنفلونزا، هل يجب أن أذهب إلى الطبيب؟
في العادة ليس من الضرورة التوجّه إلى فحص الطبيب، إلا إذا ظهر واحد من الأعراض التالية: ضيق في التنفّس، ألم في الصدر، عدم القدرة على الشرب، قيء وتفاقم عام في الوضع الصحيّ. هذه أعراض توجب التوجه إلى الطبيب ليس فقط في حالة الإنفلونزا، بل أيضا في أي حالة مرضيّة.
تحتاج إلى فحوصات مختبرية لتشخيص الإنفلونزا؟
غالبًا لا يكون هناك حاجة لذلك. نظرًا لأن موسم الإنفلونزا محدد زمنيًا (لا يوجد إنفلونزا في الصيف)، يمكن أن نفترض أن الحمى العالية التي تحدث خلال موسم الإنفلونزا وتصاحبها آلام عضلية، سعال وصداع هي إنفلونزا.
المرضى الماكثين، من المعتاد إجراء اختبارات تشخيص مختبرية. نتحدث عن فحص PCR الذي يتم إجراؤه باستخدام مسحة، مشابهًا لفحص الكورونا.
فعالية فحص الـ PCR الذي يُجرى في المجتمع عادةً أقل من الفحص الذي يتم إجراؤه في المختبر، والنتائج يتم الحصول عليها بعد مرور ما يقارب 24 ساعة على الأقل (مماثل لاختبار PCR لـلكورونا).
على أي حال، يوجد في السوق الخاص مجموعات اختبار منزلى الذين يمكن استخدامهم للكورونا والإنفلونزا، ولكن دقتهم أقل (الفرق في الدقة مشابه للفرق بين فحص الأنتيجن وفحص الـ PCR).
كيف تتم معالجة الإنفلونزا؟ هل هناك دواء يمكن تناوله؟
عادة ما يكون علاج الإنفلونزا هو علاج داعم مثل الإكثار من شرب السوائل وتناول مسكنات الألم وأدوية لخفض درجة الحرارة.
المرضى المعرّضين لخطر الإصابة بمضاعفات الإنفلونزا يمكنهم تناول دواء باسم تاميفلو (أوسالتاميبير) بوصفة طبيّة. الدواء هو على شكل أقراص ويجب تناوله مرتين في اليوم لمدة خمسة أيام. الدواء غير مخصّص لمنع الإنفلونزا.
قد يقصّر الدواء فترة المرض ويخفّف الأعراض، شريطة أن يبدأ تناوله خلال 48 ساعة من ظهور المرض، ومن الأفضل خلال يوم واحد. الدواء فعال فقط ضد فيروس الإنفلونزا العادي وغير ناجع ضد الفيروسات الأخرى المسببة لنزلات البرد.
هل هناك علاقة بين الإصابة بالأنفلونزا وبين الإصابة في الكورونا؟
الأنفلونزا والكورونا هم أمراض جائحة مختلفة التي تصيب الجهاز التنفسي ويمكن أن تصيب أجهزة أخرى في الجسم. كما ذُكر، في موسم الأنفلونزا قبل عامين لم يكن العديد من إصابات الأنفلونزا، ولكن هذه الظاهرة لم تتكرر حتى الآن.
هنالك تخوّف من الإصابة المتقاطعة بين هذين المرضين في نفس الوقت ومن عبء أكبر على النظام الصحّي في موسم الأنفلونزا القادم، ولذلك من المهم تلقّي التطعيم ضد الأنفلونزا.
دكتور بات شيڤع غوتسمان طبيبة كبيرة في عيادة الأمراض المعدية في مستشفى مئير من مجموعة كلاليت. كما أنها تعمل كمستشارة مجتمع محليّ في كلاليت في مجال الأمراض المعدية والاستخدام المستنير للمضادات الحيويّة